شهدت أسعار حديد التسليح ارتفاعاً مجدداً في السوق المصرية بعد فترة لا تتجاوز عدة أسابيع من الاستقرار المؤقت، فقد بلغ سعر الطن نحو 3300 جنيه (536.5 دولار) بزيادة تجاوزت 350 جنيهاً (نحو 57 دولارا) خلال الأسابيع الستة الماضية الأمر الذي أثار علامات استفهام عديدة حول جدوى الإجراءات الحكومية المتخذة قبل شهر لإنهاء أزمة حديد التسليح، ومدى تورط المنتجين في ممارسة أساليب احتكارية للهيمنة على أسعار حديد التسليح، وكذلك المبررات التي يسوقها المنتجون لتعليل الزيادة المستمرة في الأسعار، فضلاً عن انعكاس هذه الأوضاع على سوق العقارات عامة، وشركات المقاولات بصفة خاصة.
وأكد الخبراء أن الأسعار ستواصل الارتفاع حال استمرار الأوضاع الراهنة وعدم تدخل الحكومة لحسم هذه الأزمة من خلال آليات تحديد السعر العادل لطن حديد التسليح يرضي كل الأطراف وينهي شبهات الاحتكار.
كما اقترح الخبراء إلغاء رسوم الإغراق المفروضة على واردات الحديد من بعض الدول، وكذلك خفض الجمارك على مستلزمات الإنتاج وتعديل لجنة المتابعة التي أعلنت الحكومة عنها لمراقبة السوق وضبط تعاملات وكشف أي تلاعب من جانب المنتجين أو التجار.
وشدد الخبراء على أن تعليق ارتفاع الأسعار على شماعة الدولار لم يعد مقبولاً لاسيما في ظل التراجع المستمر لسعر الدولار في السوق غير الرسمية وانخفاضه إلى نحو 650 قرشا خلال أقل من شهر.
التقرير الذي أعده الجهاز المركزي المصري للمحاسبات أكد أن مغالاة بعض شركات الحديد الوطنية في هامش الربح على الطن الواحد والذي بلغ في شركات معينة أكثر من 300 جنيه مقابل 65 جنيهاً فقط عام 2000، وأن تضامن معظم المنتجين مع هذا الاتجاه للاستفادة من ارتفاع الأسعار في تعظيم الأرباح، ساهم في حدوث تنسيق شبه احتكاري بين كل المنتجين الكبار والصغار الأمر الذي انعكس سريعاً وبوضوح على الأسواق في صورة قفزات متلاحقة أدت إلى بلوغ الأسعار لهذا المستوى الخطير.
وتابع التقرير أن منتجي حديد التسليح لاسيما الكبار اضطروا إلى تهدئة الأوضاع والاستجابة لتدخل الحكومة لامتصاص غضب الرأي العام لحين العودة مجدداً لرفع الأسعار.
وحسبما أكد أحد تجار الحديد، محمد سعد الدين، فإن الارتفاعات المتلاحقة في الأسعار أغرت العديد من التجار على تخزين أكبر كمية ممكنة من الحديد وإتمام عمليات الشراء قبل الانتهاء من عملية الإنتاج معللاً ذلك بأن المبيعات على الرغم من الزيادة المستمرة في الأسعار بمعدل 50 جنيهاً شهرياً منذ أبريل الماضي شهدت طفرة غير متوقعة وزادت من 20 طناً إلى أكثر من 70 طناً لدى التجار العاديين، وذلك بسبب مسارعة أصحاب المباني إلى الانتهاء من أعمالهم لتقليل التكلفة التي تزداد يومياً مع زيادة أسعار الحديد..
ومن جهة أخرى لم ينكر المنتجون الزيادة الواضحة في الأسعار غير أنهم عللوا ذلك بعدم أسباب خارجة عن نطاق سيطرتهم، حيث أوضح المهندس خالد البوريني رئيس مجلس إدارة 'شركة بورسعيد الوطنية للصلب' أن ارتفاع أسعار الحديد ليس أزمة مفتعلة كما يتصور البعض وأكد أن لها أسبابها الخارجة عن إرادة الجميع ومنها ارتفاع أسعار خام البليت عالمياً لأكثر من 370 دولاراً مشيراً إلى أن تكلفة إنتاج الطن في المصنع أقل من المعروض بحوالي 100 جنيه فقط.
وأشار البوريني إلى أن الأسباب تشمل زيادة مصروفات الشحن والنقل البحري بعد حرب العراق وقيام الولايات المتحدة الأمريكية بإلغاء الجمارك على وارداتها من حديد التسليح مما أدى لزيادة حجم صادرات الدول المنتجة إلى أمريكا وانخفاض حجم المعروض عالمياً.
كما يرى البوريني أن الإجراءات الحكومية لم تكن كافية لخفض الأسعار أو ضمان استقرارها دون زيادة، حيث ما زالت تكلفة استيراد مستلزمات الإنتاج مرتفعة، موضحاً أن الجمارك على هذه المستلزمات التي زادت في الأسواق العالمية بما يتراوح بين 7% و10% خلال الأسابيع القليلة الماضية تبلغ 3%.