عادت العافية إلى سوق الذهب في منطقة الكاظمية في بغداد وساهم الارتفاع النسبي للقدرة الشرائية لفئات عدة من السكان في زيادة الطلب على المصوغات الذهبية والحلي والمجوهرات.
والذين تسنى لهم أن يتجولوا بين خزائن المتحف العراقي يلفت انتباههم منظر القطع الذهبية والبرونزية من أساور وقلائد وأقراط تعود إلى العصور السومرية والبابلية والآشورية.
وإذا كانت البغداديات يحتفين بزينتهن من أساور وقلائد وخلاخيل متنوعة الأشكال والنقوش المستوحاة من الهوية الحضارية للمدينة، فقد اقتصرت الأوقات التي تحمل فيها المرأة كامل حليها على المناسبات والحفلات والأفراح بعدما تطورت أساليب الحياة وانهمكت المرأة بالعمل إلى جانب الرجل.
وهو خزينة فعلاً، فمنذ حرب الخليج الثانية تغير في معالم المدينة الشيء الكثير، وأصبحت محلات الصاغة في الكاظمية وشارع النهر ومناطق أخرى من بغداد، لا تبيع الذهب بقدر ما تشتريه بعدما ضاقت سبل المعيشة، ولم يكن أمام البغداديات إلا الاستعانة بالإكسسوارات والحلي الكاذبة وبيع ما بحوزتهن من مصوغات ذهبية لسد العوز المادي من جراء الحرب والحصار الاقتصادي.
وقال أركان السعدي (30 سنة) صاحب محل صياغة في الكاظمية، لـ 'الحياة' إنه منذ بداية الحصار توقف الناس عن شراء الذهب واقتصر الأمر على خواتم الخطوبة وبعض الأشياء البسيطة، باستثناء عائلات رجال الأعمال وتجار الحصار، لكنهم كانوا محدودين.
أما علي أسعد (45 سنة)، وهو صائغ في شارع النهر، فيرى أن مهنة الصياغة في ظل أوضاع ما بعد صدام حسين بدأت تستعيد عافيتها وأن الإقبال على شراء المصوغات الذهبية بات أكثر من أي وقت سابق، نظرا إلى تحسن أحوال الموظفات وتضاعف رواتبهن، وبالتالي فإن إقبالهن على اقتناء الذهب ازداد.
وعند تجول 'الحياة' في سوق الصاغة في الكاظمية في شارع الشريف الرضي وشارع باب المراد، وفي شارع النهر المحاذي لنهر دجلة قرب المدرسة المستنصرية، وجدت أن بعض المحلات يعرض في واجهاتها ما يقدر بنحو 35 إلى 40 كيلو جراماً من الأساور والقلائد والخواتم والأقراط المتنوعة الأشكال والأحجام، لاجتذاب الزبائن على رغم تدهور الأوضاع الأمنية.
وقال ميثم العاملي، صاحب أحد محلات الصياغة في بغداد إنه على رغم التغيير في أسعار الذهب إلا أن الإقبال على الشراء كان كبيراً، مشيرا إلى أن الذهب لا يزال في عرف العراقيين أفضل وسيلة للادخار لأن العملات الأجنبية غير مستقرة القيمة في العراق، والعملة العراقية لا تزال تبحث عن عافيتها المفقودة لتصبح وسيلة مضمونة.
وقدر ميثم سعر مثقال الذهب (خمسة جرامات) عيار 21 قيراطاً قبل الحرب بأنه كان يراوح بين 80 إلى 85 ألف دينار عراقي، لكنه لفت إلى أنه ارتفع الآن إلى بين 110 و115 ألف دينار هذه الأيام، نظراً إلى زيادة الطلب عليه وتعدد الزبائن.